30 يونيو 2016

البخاري ومسلم والطعن في القرآن



ثمة فرضيتان ، يجب التعامل معها ونحن بصدد سرد بعض المرويات الواردة في كتابي البخاري ومسلم والتي تطعن في القرآن الكريم، الأمر هذه المرة يتعلق بالقرآن.
الفرضية الأولى: أن تكون هذه المرويات صحيحة؛ فيكون القرآن ناقصًا أو قد تبدلت آياته أو حرفت زيادة ونقصانًا!.
الفرضية الثانية: أن تكون هذه المرويات الواردة في كتب الصحاح باطلة.
نورد بعضها ولا نود التعليق عليها.. 
قال البخاري : قال سعيد بن جبير: فكان ابن عباس يقرأ (وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا) ، و أخرجه أيضا في أبواب أخرى بلفظ : وقرأ ابن عباس : «أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا»، و أخرجه مسلم بلفظ : قال سعيد بن جبير : وكان يقرأ [ يعني ابن عباس ] : « وكان أمامهم ملك يأخذ كل سفينة صالحة غصبا » في ( باب من فضائل الخضر ) . اهـ 
-عن عائشة رضي الله عنها؛ أنها قالت: "كان فيما أنزل من القرآن: عشر رضعات معلومات يحرمن. ثم نسخن: بخمس معلومات. فتوفي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهن فيما يقرأ من القرآن".
( صحيح مسلم:كتاب الرضاع؛ باب التحريم بخمس رضعات).
- عن علقمة قال قدمنا الشام فأتانا أبو الدرداء فقال أفيكم أحد يقرأ علي قراءة عبد الله فقلت نعم أنا قال فكيف سمعت عبد الله يقرأ هذه الآية " والليل إذا يغشى " قال سمعته يقرأ " والليل إذا يغشى " والذكر والأنثى قال وأنا والله هكذا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرؤها ولكن هؤلاء يريدون أن أقرأ وما خلق فلا أتابعهم ( صحيح مسلم : كتاب صلاة المسافرين وقصرها ، باب ما يتعلق بالقراءات)
وفي رواية البخاري : " عن إبراهيم قال: قدم أصحاب عبد الله على أبي الدرداء، فطلبهم فوجدهم، فقال: أيكم يقرأ على قراءة عبد الله؟ قال: كلنا، قال: فأيكم أحفظ؟ فأشاروا إلى علقمة، قال: كيف سمعته يقرأ: "والليل إذا يغشى" قال علقمة: "والذكر والأنثى" قال: أشهد أني سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقرأ هكذا، وهؤلاء يريدونني على أن أقرأ: "وما خلق الذكر والأنثى" والله لا أتابعهم( صحيح البخاري ، كتاب التفسير ، وما خلق الذكر والأنثى )
3- عن أبي يونس مولى عائشة أنه قال أمرتني عائشة أن أكتب لها مصحفا وقالت إذا بلغت هذه الآية فآذني " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى " فلما بلغتها آذنتها فأملت علي " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وصلاة العصر " وقوموا لله قانتين " قالت عائشة سمعتها من رسول الله صلى الله عليه وسلم ( صحيح مسلم ،كتاب المساجد ومواضع الصلاة،باب الدليل لمن قال الصلاة الوسطى صلاة العصر).
روى البخاري (6830) ومسلم (1691) عن ابن عباس رضي الله عنهما أن عمر بن الخطاب صعد المنبر فخطب الجمعة ، وكان مما قال رضي الله عنه فقال : (إِنَّ اللَّهَ بَعَثَ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِالْحَقِّ ، وَأَنْزَلَ عَلَيْهِ الْكِتَابَ ، فَكَانَ مِمَّا أَنْزَلَ اللَّهُ آيَةُ الرَّجْمِ ، فَقَرَأْنَاهَا ، وَعَقَلْنَاهَا ، وَوَعَيْنَاهَا ، رَجَمَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَرَجَمْنَا بَعْدَهُ ، فَأَخْشَى إِنْ طَالَ بِالنَّاسِ زَمَانٌ أَنْ يَقُولَ قَائِلٌ : وَاللَّهِ مَا نَجِدُ آيَةَ الرَّجْمِ فِي كِتَابِ اللَّهِ ، فَيَضِلُّوا بِتَرْكِ فَرِيضَةٍ أَنْزَلَهَا اللَّهُ ، وَالرَّجْمُ فِي كِتَابِ اللَّهِ حَقٌّ عَلَى مَنْ زَنَى إِذَا أُحْصِنَ مِنْ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ ، إِذَا قَامَتْ الْبَيِّنَةُ ، أَوْ كَانَ الْحَبَلُ ، أَوْ الِاعْتِرَافُ) . زاد أبو داود (4418) : (وَايْمُ اللَّهِ ، لَوْلَا أَنْ يَقُولَ النَّاسُ : زَادَ عُمَرُ فِي كِتَابِ اللَّهِ عَزَّ وَجَلَّ ، لَكَتَبْتُهَا) وصححه الألباني في صحيح أبي داود .

1 أكتوبر 2014

القرآنيون في الميزان




لاشك أن وجود ما يمكن أن نطلق عليه تيار "القرآنيون"  قد أحدث أثرًا- ولو أنه لم يزل غير مؤثر بدرجة كافية- في خلخلة الفكر الإسلامي السلفي التقليدي، المعتمد بالدرجة الأولى على روايات الحديث وأقوال الصحابة  والتابعين وآراء الفقهاء.
ولا شك أن مدارس التجديد في الفكر الإسلامي سابقة على هذا التيار، لكن ما أحدثه هذا التيار بكتاباته، قد أحدث ما يشبه الصدمة الكهربائية للفكر التقليدي، بطرحة المعتمد فقط على نصوص القرآن، المبتعد بالكلية عن الروايات الحديثية وكتب الصحاح ولو على سبيل التنقيح أو الاستئصال أو حتى الاستئناس بها.
كما أنه خطى خطوة أخرى باعتماده على فهمه هو للنصوص لا على ما وجد عليه كتب التفاسير وشروح الفقهاء.
 ورغم أن هذا النهج يعد خطوة متقدمه بإزاحته عن كاهل المسلم تركة ثقيلة من النصوص المروية -التي ارتأى هذا التيار أنها منسوبة زورًا للنبي صلى الله عليه وسلم،- وحتى بفرض صحتها وهو أمر مستبعد عندهم، فإنها غير ملزمة البته، كون الملزم فقط هو القرآن الكريم، رغم ذلك إلا أننا نرى انه – أي هذا التيار- لا يزال يدور بذاته في نفس الدائرة الضيقة من كونه ينظر للدين على أنه نص أزلي وجب إتباعه.
إن أسئلة من قبيل ما هو الدين......؟
وما الغاية من الدين.....؟ - القصد هنا بعيد كل البعد عن الطرح الفسلفي لماهية الدين- بل استفسارًا يبحث عن دور النصوص ابتداء في حياة المجتمع المتدين ..؟
وما هو المطلق فيها غير قابل للتبديل...؟
وما هو القابل للتبديل والتعديل والتغيير رغم وروده في النص المطلق
(القرآن)...  أي ما هو الاجتماعي في النص.....؟
إن أسئلة مثل هذه وغيرها كثير، تفرض ذاتها على هذا التيار الذي ازعم من خلال قراءتي لكتابات الكثير منهم، أنهم لا يزالون غارقين في التفاصيل الفقهية ذاتها، يعالجونها بنفس الأسلوب الذي يعالج به الفكر التقليدي الأمر.. بيد أنهم يقصرون الأمر على النص القرآني.... يلتمسون فيه علاجًا لمسائل لم يدع النص فيها ابتداء أنه طالب المجتمع ببحثها من منطلق الدين أو الإلزام..
الأمر الذي جعل بعضهم يشطح شطحًا في استخراج أفكارًا عجيبة ينزعها نزعًا من سياق الآيات.. أو من رؤية خاصة لمعنى الآية ليبرر تصرفًا كانت تقبله ظروف الواقع آن ذاك وقت نزول النص،( كضرب الزوجة مثلا) لكنه لم يعد مستساغًا في عصرنا أو على الأقل في الدول المتحضرة...
ولكونه وجد حرجًا في النص راح يبحث عن أدلة في اللغة لتأويل معنى الضرب، ضاربًا هو بقواعد اللغة، أو المفهوم من النص بداهة، وذلك كونه لم يبحث النص من الناحية الاجتماعية المرتبطة بسياق وتاريخ وزمان وبيئة النص.
إن غالبية القرآنيين باعتمادهم النص وحده مرجعًا بهذا الشكل يتجاهلون أن ثمة هدر يحدث في سياق النص، من خلال اعتبار النص ذاته وإحالته على الواقع المُخاطب وملابساته، واعتبار هذا الواقع جزءا لا يتجزأ من سياق النص.
لذا فمهما حاولنا فهم القرآن من خلال النصوص فقط، سنجد أنفسنا حيارى دون الولوج إلى ظروف ومناخ وبيئة وزمان ومكان وحيثيات الواقع التي نزل فيها النص.
إن النص الذي شرع لا يعد تشريعه مقدسًا في ذاته، لكونه يؤدي وظيفة لا يمكن لها أن تبقى أبدية مهما اختلفت الظروف، والوقائع.

وهو الأمر الذي لا يدركه القرآنيون بالشكل الكافي.

30 سبتمبر 2014

Enter your email address:

Delivered by FeedBurner


21 أكتوبر 2013

رواية الكفار بدار ليلى ومكتبة مدبولي


رواية الكفاربدار ليلى ومكتبة مدبولي









27 فبراير 2013

شخرة الشيخ محرم


لم يتبق على آذان الفجر سوى نصف ساعة أو أقل قليلًا؛ لكن ما شأن ذاك الشاب الثلاثيني بصلاة الفجر، وقد قضى ليلته في أحضانها ولم يغتسل بعد، إن آخر ذكرياته مع الصلاة عمومًا كانت منذ ما يقارب سبعة عشر عامًا، لكنه أكد لي أنه لم يكن حتى في ذلك الزمان قد صلى الفجر، أكد لي أيضًا أن قبلتها حين غادرته كانت قبلة باردة، وأنها أي القبلة كانت تشبه نسمات الهواء البارد التي تتسلل عبر نافذته، وأنه لا زجاجه الخمر ولا حرارة جسدها أفلحتا في تدفئة ضلوعه الباردة، ثم عقب مبتسما لكن أي من هذا لم يكن ليؤثر على معنويات خنجري الذهبي،ثم ابتسم.
حين سمع مواء القط يبكي كالأطفال الرضع، سبه بأمه: اخرس يا ابن الشرموطة، ثم أشعل سيجارته وغاص أسفل اللحاف، لكن مواء القط كان مغايرًا هذه المرة، كان بكاء لا مواء، قام من سريره بحذر لا يعرف أسبابه، ارتدى الروب ديشامبر الرمادي الذي ورثه عن أبيه وكأنه يتهيأ لقادم الأحداث، فتح الشباك بحذر، ألقى نظرة للأسفل إنه طفل مكوم بجانب البناية، كذب عينيه مرارًا، ثم قرر أن ينزل بنفسه ليحسم الأمر.
حين حمل الطفل بين يديه سكن الطفل، تلفت منذر حوله وكأنه قد ارتكب جريمة، ثم شخر في سره مرة وصرح بأخرى، صعد السلم بحذر ثم توارى مسرعا في "بير السلم" حيث بدا ظل الشيخ محرم وزوجته أم هند وربيبته هند، متجهين صوب الجامع.
صعد السلم على أطراف أصابعه، وضع الرضيع في منتصف السرير بعدما أحاطه بمجموعة من الوسائد من كل اتجاه، ظنا منه أن الطفل ربما يتقلب ويسقط من فوق السرير، وأوأ الطفل قليلًا، هدهده منذر بغريزة أبوة كامنة، راح الرضيع في سبات عميق.
حين تنشف منذر جيدًا وهم أن يخرج من الحمام، تذكر أمر الرضيع، وقد أقسم لي أنه لم يتذكره أثناء استحمامه أبدا، وكان الشيخ محرم قد بدأ لتوه مكبرًا تكبيرة الإحرام الله أكبر، فقرر منذر ما كان قد قرره.
ضحك منذر وهو يرتدي لأول مرة الجلباب الذي أهداه له الشيخ محرم ذات حجة داعيًا له بالهداية، وتعطر بذات المسك المهدى إليه، رفع الطفل بهدوء إلى صدره، وهبط أدراج السلم، واتجه هو الآخر إلى الصلاة، لكنه لم يصل فقد كان الشيخ في التشهد؛ فانتظر خارج المسجد حتى يفرغ من صلاته، ثم دخل الجامع وقد تلقفته عيون المصلين بشره وتعجب.
اجتاز منذر الصفوف حتى وصل إلى الشيخ محرم ثم وضع الرضيع برفق أمامه، والجميع في ذهول وشوق، ثم ساد صمت مريب، قطعه منذر بتوجس قائلًا: وجدته أسفل البناية.
صرخ أحدهم: استغفر الله العظيم من كل ذنب عظيم ليه كدا يا بني حرام عليك.
وقال آخر: أعوذ بالله شاب صايع وأخلاق فلتانه أكيد دي النتيجة المتوقعة.
بينما أقسم جابر البواب وهو يدفس علبة سجائره السوبر التي كادت أن تقع منه أثناء الصلاة قائلًا:" أنا شفت ولية نازلة من عنده من يجي ساعة ونص كدا أستغفرك يا رب وكانت بتعيط، حصل ولا لا يا سي منذر بيه".
حين "شخر" منذر في الجامع أقسم لي أنه لم يكن يعرف أنه حين ذاك في الجامع، وأنه رغم كل شيء ليس بكافر ويوقر حرمة الجامع، لكن ما استفزه أنها لم تكن ولية ولم تكن باكيه، وأن الربط بين هذا وذاك يؤكد الظنون.
حين شخر منذر قال عم عبده الواد دا مش متربي ومفيش أمل إلا الاتصال بالشرطة تيجي تلمه وهناك ينفخوه وكل شيء يبان.
حين شخر منذر للمرة الثانية مردفًا بأحه كان الأمر قد خرج عن السيطرة، لكن حين صرخ الرضيع باكيًا صمت الجميع وقد أصابهم الوجوم،رفع الشيخ الرضيع إليه وهو يفكر فيمن ترضعه، وتمتم وقد عاد اللغط من جديد إن الله حليم ستار يا بني.
فقال منذر: أقسم بالله لا علاقة لي بالطفل ولا أعرف أمه يا شيخ.
تأمل الشيخ وجه الرضيع ووجه منذر، وكأنه يتقفى آثار الشبه بينهما، ولما وقر في قلبه ما وقر، حرك الرضيع يديه باكيًا؛ فظهر على رسغه صليبًا غائرًا؛ فارتعد وجه الشيخ ثم نظر، وكان منذر قد أقسم لي عشر مرات مؤكدًا أنه ما إن رأى الشيخ محرم ما رأى حتى "شخر".